ذهبت إلى شيخي بعدما انقطعت عنه شهراً كاملاً .. وما أن دخلت عليه حتى رأيت في وجهه بسمة جعلت وجهه كبدر ليلة تمامه .. فقبّلت يده وجلست بجواره .. فربط على كتفي وسألني عن غيبتي طوال ما مضى .. فأجبته بأنني كنت ابحث عن مكان آمن أعيش فيه أيامى الماضية ، فالطغاة أخذوا في ترويع الآمنين .. وتفظيع الراكعين .. وقطع أرزاق المخلصين .. وأسر الشرفاء المصلحين .. حتى أن صاحب لي حمل حاسوبه الخاص به على ظهره ، وكلما حل في مكان فتح حاسوبه ليعمل ، ثم ينتقل إلى مكان غيره ، وهكذا الحال يا شيخي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ، أنترك بلدنا ونرحل ؟! .. أين الآمان يا شيخى ؟! لقد علا الطغيان وزاد .. ألا يريدون خيراً لبلدنا ؟! .. وسألته : وماذا بعد كل هذا ؟ ، فنظر إلىّ شيخي فوجد حزناً ما أعظمه !! .. وغضباً ما أشده !! فوضع يده على كتفى بحنان ورفق ، ثم قال :- يا ولدى إن الداعية تتلقفه المغريات ، وتتزين له الشهوات ، وتعترض طريقه الفتن ، والشيطان من خلفه يوسوس بصوته القبيح أنِ اترك مشاقَّ الطريق إلى سهلِه ، ودع العمل إلى الكسل وطلِّق الجد وانكح الراحة .. إليك عن هذا الطريق فإن العواقب وخيمة والمنقلب غير آمن .. يا ولدى الثبات من الإيمان، فالمؤمن يستقبل المحن والشدائد بثبات ورباطة جأش وإيمان بقضاء الله وقدره ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .. يا ولدى لقد قرأت كلمة للإمام ابن القيم ما أروعها :- ( ليس في الكون شيئاً أصعب من الثبات والصبر إما عن المحبوب أو على المكروهات ، وخصوصًا إن امتد الزمان ووقع اليأس من الفرج ، وتلك المدة تحتاج إلى زاد يقطع بها سفرها ، والزاد هنا الثبات على حكم الله وقضائه وابتلائه ( .. يا ولدى لا مفر من البلاء والابتلاء على الطريق ، ألم يقل ربنا – جل في علاه - : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) سورة آل عمران: 142، وقال :- ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) سورة البقرة: من الآية :155 .. يا ولدى أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يُبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء .. يا ولدى المؤمنون أصبر الناس على البلاء وأثبتهم في الشدائد وأرضاهم نفساً في الممات ، فلقد عرفوا قدر الدنيا وقصر عمرها ، وأنها عرض زائل ، فلم يطمعوا أن تكون دنياهم جنة قبل الجنة ، وعرفوا أن الابتلاء من سنن الله في الكون ، قال تعالى: ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ) سورة الإنسان: 2.. والمؤمن يرجو مثوبة ربه - عز وجل - على ما يبتلى به في دنياه ، بأن يكفر ذنوبه ويمحو سيئات ه، كما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري .. يا ولدى هي سنة الله في الجماعة العاملة لتمكين دينه .. هو طريق صنعه الله للجماعة المسلمة الأولى في كل جيل ، إيمان وجهاد ، ومحنة وابتلاء ، وصبر وثبات وتوجُّه إلى الله وحده ثم يجيء النصر.. ثم يجيء النعيم والبلاء بالخير والشر .. يا ولدى إن نصر الله مرتبط بتمسكنا بأوامر ربنا والتزامنا بشرعه ، وعندها ستكون الأمة في موقف العزة والتمكين ..
قلت لشيخي كلامك ما أجمله !! لكن كيف السبيل للثبات على الطريق مع مشاقه هذه ؟ .. قال :- كثيرة يا ولدى .. أولها سؤال الله التثبيت ، فربك هو الذي يثبتك ويهديك ، قال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) سورة إبراهيم : 27 .. وثانيها :- الصبر على الطاعات ، والصبر عن المعاصي ، فإنه لن يحصل العبد الخيرات إلا بهذا ، وقد أمر ربنا – سبحانه وتعالى - نبيه بالصبر فقال:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) سورة الكهف : 28 .. وثالثها :- ركعتى الليل ، ويقول ابن رجب فيها :- ( الليل منهل يرده أهل الإدارة كلهم ، ويختلفون فيما يردون ويريدون ، قد علم كل أناس مشربهم ، فالمحب يتنعم بمناجاة محبوبه ، والخائف يتضرع لطلب العفو ويبكي على ذنوبه ، والراجي يلحُّ في سؤال مطلوبه ، والغافل المسكين أحسن الله عزاءَه في حرمانه وفوات نصيبه ) .. ورابعها :- ذكر الله - تعالى - قال - جل شأنه - : ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) سورة الأحزاب : 42-41 .. وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ) الذكر وما أدراك ما الذكر يا ولدى .. وخامسها :- الشعور بالفقر إلى تثبيت الله - تعالى - وذلك فليس بنا غنى عن تثبيته طرفة عين فإن لم يثبتنا الله زالت سماء إيماننا وأرضُه عن مكانها ، ألم يقل ربنا لخير البشر :- ( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) .. وسادسها :- ترك الظلم :- فالظلم عاقبته وخيمة وقد جعل الله التثبيت نصيب المؤمنين والإضلال حظ الظالمين فقال - جل ذكره - : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) سورة إبراهيم : 27 .. وسابعها :- الإقبال على كتاب الله تلاوةً ، وتعلمًا ، وعملًا ، وتدبرًا فالله سبحانه أخبر بأنه أنزل هذا الكتاب المجيد ؛ تثبيتاً للمؤمنين ، وهداية لهم وبشرى ، قال الله تعالى : ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) سورة النحل: 102 فكتاب الله هو الحبل المتين ، والصراط المستقيم ، والضياء المبين ، لمن تمسك به وعمل .. وثامنها :- الرجوعُ إلى أهل الحق والتقى من العلماء والدعاة وأهل الخير الذين هم أوتاد الأرض ، ومفاتيح الخير، ومغاليق الشر، فافزع إليهم يا ولدى عند توالي الشبهات ، وتعاقب الشهوات قبل أن تنشب أظفارها في قلبك ، فتوردك المهالك ، قال ابن القيم رحمه الله - حاكياً عن نفسه وأصحابه-: ( وكنّا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت بنا الظنون ، وضاقت بنا الأرض ؛ أتيناه – أي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - فما هو إلا أن نراه ، ونسمع كلامه ، فيذهب ذلك كله عنّا ، وينقلب انشراحًا ، وقوةً ويقينًا وطمأنينةً ) ..
كانت الكلمات تخرج من فم شيخى بثقة ما أقواها .. فقمت من مجلسى وقد تغير حالى من حال إلى أحسن حال .. وأردد
قلت لشيخي كلامك ما أجمله !! لكن كيف السبيل للثبات على الطريق مع مشاقه هذه ؟ .. قال :- كثيرة يا ولدى .. أولها سؤال الله التثبيت ، فربك هو الذي يثبتك ويهديك ، قال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) سورة إبراهيم : 27 .. وثانيها :- الصبر على الطاعات ، والصبر عن المعاصي ، فإنه لن يحصل العبد الخيرات إلا بهذا ، وقد أمر ربنا – سبحانه وتعالى - نبيه بالصبر فقال:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) سورة الكهف : 28 .. وثالثها :- ركعتى الليل ، ويقول ابن رجب فيها :- ( الليل منهل يرده أهل الإدارة كلهم ، ويختلفون فيما يردون ويريدون ، قد علم كل أناس مشربهم ، فالمحب يتنعم بمناجاة محبوبه ، والخائف يتضرع لطلب العفو ويبكي على ذنوبه ، والراجي يلحُّ في سؤال مطلوبه ، والغافل المسكين أحسن الله عزاءَه في حرمانه وفوات نصيبه ) .. ورابعها :- ذكر الله - تعالى - قال - جل شأنه - : ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) سورة الأحزاب : 42-41 .. وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ) الذكر وما أدراك ما الذكر يا ولدى .. وخامسها :- الشعور بالفقر إلى تثبيت الله - تعالى - وذلك فليس بنا غنى عن تثبيته طرفة عين فإن لم يثبتنا الله زالت سماء إيماننا وأرضُه عن مكانها ، ألم يقل ربنا لخير البشر :- ( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) .. وسادسها :- ترك الظلم :- فالظلم عاقبته وخيمة وقد جعل الله التثبيت نصيب المؤمنين والإضلال حظ الظالمين فقال - جل ذكره - : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) سورة إبراهيم : 27 .. وسابعها :- الإقبال على كتاب الله تلاوةً ، وتعلمًا ، وعملًا ، وتدبرًا فالله سبحانه أخبر بأنه أنزل هذا الكتاب المجيد ؛ تثبيتاً للمؤمنين ، وهداية لهم وبشرى ، قال الله تعالى : ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) سورة النحل: 102 فكتاب الله هو الحبل المتين ، والصراط المستقيم ، والضياء المبين ، لمن تمسك به وعمل .. وثامنها :- الرجوعُ إلى أهل الحق والتقى من العلماء والدعاة وأهل الخير الذين هم أوتاد الأرض ، ومفاتيح الخير، ومغاليق الشر، فافزع إليهم يا ولدى عند توالي الشبهات ، وتعاقب الشهوات قبل أن تنشب أظفارها في قلبك ، فتوردك المهالك ، قال ابن القيم رحمه الله - حاكياً عن نفسه وأصحابه-: ( وكنّا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت بنا الظنون ، وضاقت بنا الأرض ؛ أتيناه – أي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - فما هو إلا أن نراه ، ونسمع كلامه ، فيذهب ذلك كله عنّا ، وينقلب انشراحًا ، وقوةً ويقينًا وطمأنينةً ) ..
كانت الكلمات تخرج من فم شيخى بثقة ما أقواها .. فقمت من مجلسى وقد تغير حالى من حال إلى أحسن حال .. وأردد
No comments:
Post a Comment