الالتزام بالموعد
حث الإسلام المسلم على الالتزام بالموعد وإنجاز الوعد فامتدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله: [وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ] ،
وفي قول الله عز وجل عن موسى: [ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى]( إشارة إلى أهمية فعل الأمر في موعده المناسب إذ المعنى: جئت للوقت الذي أردنا إرسالك فيه إلى فرعون رسولاً.
كما حذّر النبي (صلى الله عليه وسلم ) من التفريط في الوعد وعدّ ذلك من علامات النفاق فقال (ص): (( آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ))؛ لما في إخلاف الوعد وعدم إنجازه من إلحاق الضرر بالآخرين وإضاعة أوقاتهم في الانتظار.
وجوب الحذر من مضيعات الوقت
حذر الإسلام من تضييع الوقت والتفريط فيه، ووضع الضوابط التي تكفل للمسلم حفظ وقته، ومن ذلك أن شرع الاستئذان، فلا يحق لأحد أن يدخل على غيره إلا بعد أن يستأذن منه، فقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال: (( الاستئذان ثلاثٌ فإن أذن لك وإلا فارجع )). وقول الله عز وجل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ].( كل ذلك من أجل حفظ وقت المسلم من أن يضيع في الزيارات غير المخطط لها.
ومن أشد مضيعات الوقت التسويف وطول الأمل، يقول الحسن البصري: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل. قال القرطبي: وصدق رحمه الله! فالأمل يُكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى).
وقال أيضاً محذراً من التسويف: (ابن آدم إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغد، فإن يكن غد لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإلا يكن لك لم تندم على ما فرّطت في اليوم). وجاء عن بعض السلف قوله:( إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما).
وكان السلف يقولون:(من علامة المقت إضاعة الوقت).
ويقولون: (من كان يومه كأمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعـون).
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي).
ولله در علي بن محمد البُستي إذ يقول: إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يداً ولم أقتبس علماً فما هو من عمري.
وكتب محمد بن سمرة السائح إلى يوسف بن أسباط بهذه الرسالة: ( أي أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك، وإمكانه من قلبك، فإنه محل الكلال، وموئل التلف، وبه تقطع الآمال، وفيه تنقطع الآجال... وبادر يا أخي فإنك مبادر بك، وأسرع فإنك مسروع بك، وجِدَّ فإن الأمر جِد )
وقال الإمام ابن عقيل : ( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، فإذا تعطل لساني من مذاكرة ومناظرة، وبصري من مطالعة، عملت في حال فراشي وأنا مضطجع، فلا أنهض إلا وقد يحصل لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم في عشر الثمانين أشدّ مما كنت وأنا ابن العشرين )
ويحذر القرآن الكريم المفرطين في أوقاتهم، الذين يفوتهم العمل فيها، وينذرهم بالحسرة والندامة على ذلك التفريط يوم القيامة، يوم يقول قائلهم: [يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي] ويوم يقولون في حسرةٍ وندامة أيضاً: [رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ]. فيأتيهم الجواب كلاّ. لقد مضى وقت العمل ولن يعود، فالدنيا عمل ولاحساب، والآخرة حساب ولاعمل.
كيف يعيش المسلم وقته؟
ينبغي للمسلم إذا أراد أن يُبارك الله له في عمره أن يسير على نظام الحياة اليومي في الإسلام، ويقتضي هذا النظام أن يستيقظ المسلم مبكراً، وينام مبكراً.
يبدأ يوم المسلم منذ مطلع الفجر، أو على الأقل قبل مشرق الشمس، وبهذا يتلقى الصباح طاهراً نقياً قبل أن تلوثه أنفاس العصاة، الذين لايفيقون من نومهم إلا في ضحى النهار، وهنا يستقبل المسلم يومه من البكور الذي دعا الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لأمته بالبركة فيه، حين قال: (( اللهم بارك لأمتي في بكورها )).
ومن الآفات التي ابتلي بها المسلمون أنهم غيروا نظام يومهم، فهم يسهرون طويلاً، ثم ينامون حتى تضيع عليهم صلاة الصبح، وقد قال بعض السلف: عجبتُ لمن يصلي الصبح بعد طلوع الفجر كيف يرزق؟.
وفي حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: (( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كلّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )).
وما أعظم الفارق بين المسلم الذي انحلت عقد الشيطان كلها من نفسه، فاستقبل يومه من الصباح الباكر بالذكر والطهارة والصلاة، وانطلق إلى معترك الحياة، نشيط الجسم، طيب النفس، منشرح الصدر، وبين من ظلت عقد الشيطان فوق رأسه، فأصبح نؤوم الضحى، بطيء الخطا، خبيث النفس، ثقيل الجسم، كسلان !
يفتتح المسلم يومه بطاعة الله، مصلياً فرضه وسنته، تالياً ما تيسر له من أذكار الصباح المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) مثل:
(( أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إنّي أسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده )).( (( اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر )).
ثم يقرأ ما تيسَّر له من القرآن الكريم بخشوعٍ وتدبر وتفهم لمعانيه، كما قال تعالى: [كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ].
ويتناول فطوره باعتدال، ثم يتوجه إلى عمله اليومي ساعياً في تدبير معاشه، وطلب رزقه، يجتهد أن يشغل نفسه بأي عمل حلال، مهما كان من ذوي الثراء والمال، ولو كان للإشراف والرقابة فقط، لأن المال السائب يعلّم السرقة.
ومن هنا حرّم الإسلام الربا لأنه نظامٌ يلد المال فيه المال حتماً، بغير عملٍ ولا مشاركة ولا مخاطرة، فهو يقعد متربعاً على أريكته، ضامناً أن تأتي له المئة بعشرة، أو الألف بمئة دون أدنى تحمّل للمسؤولية، وهذا ضد نظرة الإسلام إلى الإنسان: إنه خُلق ليعمل ويعمر الأرض تحقيقاً لقوله تعالى: [هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا].
حث الإسلام المسلم على الالتزام بالموعد وإنجاز الوعد فامتدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله: [وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ] ،
وفي قول الله عز وجل عن موسى: [ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى]( إشارة إلى أهمية فعل الأمر في موعده المناسب إذ المعنى: جئت للوقت الذي أردنا إرسالك فيه إلى فرعون رسولاً.
كما حذّر النبي (صلى الله عليه وسلم ) من التفريط في الوعد وعدّ ذلك من علامات النفاق فقال (ص): (( آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ))؛ لما في إخلاف الوعد وعدم إنجازه من إلحاق الضرر بالآخرين وإضاعة أوقاتهم في الانتظار.
وجوب الحذر من مضيعات الوقت
حذر الإسلام من تضييع الوقت والتفريط فيه، ووضع الضوابط التي تكفل للمسلم حفظ وقته، ومن ذلك أن شرع الاستئذان، فلا يحق لأحد أن يدخل على غيره إلا بعد أن يستأذن منه، فقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال: (( الاستئذان ثلاثٌ فإن أذن لك وإلا فارجع )). وقول الله عز وجل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ].( كل ذلك من أجل حفظ وقت المسلم من أن يضيع في الزيارات غير المخطط لها.
ومن أشد مضيعات الوقت التسويف وطول الأمل، يقول الحسن البصري: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل. قال القرطبي: وصدق رحمه الله! فالأمل يُكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى).
وقال أيضاً محذراً من التسويف: (ابن آدم إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغد، فإن يكن غد لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإلا يكن لك لم تندم على ما فرّطت في اليوم). وجاء عن بعض السلف قوله:( إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما).
وكان السلف يقولون:(من علامة المقت إضاعة الوقت).
ويقولون: (من كان يومه كأمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعـون).
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي).
ولله در علي بن محمد البُستي إذ يقول: إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يداً ولم أقتبس علماً فما هو من عمري.
وكتب محمد بن سمرة السائح إلى يوسف بن أسباط بهذه الرسالة: ( أي أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك، وإمكانه من قلبك، فإنه محل الكلال، وموئل التلف، وبه تقطع الآمال، وفيه تنقطع الآجال... وبادر يا أخي فإنك مبادر بك، وأسرع فإنك مسروع بك، وجِدَّ فإن الأمر جِد )
وقال الإمام ابن عقيل : ( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، فإذا تعطل لساني من مذاكرة ومناظرة، وبصري من مطالعة، عملت في حال فراشي وأنا مضطجع، فلا أنهض إلا وقد يحصل لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم في عشر الثمانين أشدّ مما كنت وأنا ابن العشرين )
ويحذر القرآن الكريم المفرطين في أوقاتهم، الذين يفوتهم العمل فيها، وينذرهم بالحسرة والندامة على ذلك التفريط يوم القيامة، يوم يقول قائلهم: [يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي] ويوم يقولون في حسرةٍ وندامة أيضاً: [رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ]. فيأتيهم الجواب كلاّ. لقد مضى وقت العمل ولن يعود، فالدنيا عمل ولاحساب، والآخرة حساب ولاعمل.
كيف يعيش المسلم وقته؟
ينبغي للمسلم إذا أراد أن يُبارك الله له في عمره أن يسير على نظام الحياة اليومي في الإسلام، ويقتضي هذا النظام أن يستيقظ المسلم مبكراً، وينام مبكراً.
يبدأ يوم المسلم منذ مطلع الفجر، أو على الأقل قبل مشرق الشمس، وبهذا يتلقى الصباح طاهراً نقياً قبل أن تلوثه أنفاس العصاة، الذين لايفيقون من نومهم إلا في ضحى النهار، وهنا يستقبل المسلم يومه من البكور الذي دعا الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لأمته بالبركة فيه، حين قال: (( اللهم بارك لأمتي في بكورها )).
ومن الآفات التي ابتلي بها المسلمون أنهم غيروا نظام يومهم، فهم يسهرون طويلاً، ثم ينامون حتى تضيع عليهم صلاة الصبح، وقد قال بعض السلف: عجبتُ لمن يصلي الصبح بعد طلوع الفجر كيف يرزق؟.
وفي حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: (( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كلّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )).
وما أعظم الفارق بين المسلم الذي انحلت عقد الشيطان كلها من نفسه، فاستقبل يومه من الصباح الباكر بالذكر والطهارة والصلاة، وانطلق إلى معترك الحياة، نشيط الجسم، طيب النفس، منشرح الصدر، وبين من ظلت عقد الشيطان فوق رأسه، فأصبح نؤوم الضحى، بطيء الخطا، خبيث النفس، ثقيل الجسم، كسلان !
يفتتح المسلم يومه بطاعة الله، مصلياً فرضه وسنته، تالياً ما تيسر له من أذكار الصباح المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) مثل:
(( أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إنّي أسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده )).( (( اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر )).
ثم يقرأ ما تيسَّر له من القرآن الكريم بخشوعٍ وتدبر وتفهم لمعانيه، كما قال تعالى: [كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ].
ويتناول فطوره باعتدال، ثم يتوجه إلى عمله اليومي ساعياً في تدبير معاشه، وطلب رزقه، يجتهد أن يشغل نفسه بأي عمل حلال، مهما كان من ذوي الثراء والمال، ولو كان للإشراف والرقابة فقط، لأن المال السائب يعلّم السرقة.
ومن هنا حرّم الإسلام الربا لأنه نظامٌ يلد المال فيه المال حتماً، بغير عملٍ ولا مشاركة ولا مخاطرة، فهو يقعد متربعاً على أريكته، ضامناً أن تأتي له المئة بعشرة، أو الألف بمئة دون أدنى تحمّل للمسؤولية، وهذا ضد نظرة الإسلام إلى الإنسان: إنه خُلق ليعمل ويعمر الأرض تحقيقاً لقوله تعالى: [هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا].
No comments:
Post a Comment