.....أكثرمن قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم,فإنها كنزمن كنوز الجنة..حديث صحيح،عن ابن مسعود رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يروي عن رب العزه " ان الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كامله فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات الي سبعمائة ضعف الي اضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنه كامله فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ......,ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار..رواه البخاري والنسائي..,يارسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟؟..قال نعم ,إذا كثر الخبث (متفق عليه)..,الوالدأوسط أبواب الجنة..فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه...,لا يدخل الجنة قاطع ..أيقاطع رحم..(متفق عليه)...,الحياء شعبةمن الايمان ..حديث صحيح..آية الإيمان حبالأنصار..وأية النفاق بغض الأنصار..(رواه البخاري)..من أشار إلي أخيه بحديدة فإنالملائكة تلعنه حتي ينتهي (رواه مسلم)...,سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ..(متفقعليه)...,بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم..(رواه البخاري ومسلم وأصحابالسنن)..ما تواضع أحد لله إلا رفعه ,وما زاد الله عبدا بعفوٍ إلا عزاً...,وتجد شرالناس ذا الوجهين..,الذي يأتي هؤلاء بوجه..وهؤلاء بوجه..(رواه البخاري ومسلمومالك)...,ذمة المسلمين واحدة ,يسعي بها إدناهم.فمن أخفر مسلما فعليه لعنة اللهوالملائكة والناس أجمعين.لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً..(رواه مسلموغيره)...لو أنكم تتوكلون علي الله حق التوكل...لرزقكم كما يرزق الطير..تغدو خماصاًوتروح بطاناً..(رواه أحمد وصححه الألباني)....,إن الله تعالي يبسط يده بالليل ليتوبمسئ النهار..,ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل..حتي تطلع الشمس من مغربها...(رواه مسلم)...يقول الله-عزوجل- أخرجوا من النار من ذكرني يوماً أو خافني فيمقام..رواه البيهقي والترمذي..وقال حديث حسن.....اتقوا الله..وصلوا خمسكم,وصومواشهركم,وأدوا زكاة أموالكم,وأطيعوا أمراءكم..تدخلوا جنة ربكم..رواه الترمذي..وقالحديث حسن صحيح....,« . . . وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائدألسنتهم » [رواه الترمذي]....,« إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بهاإلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب » [متفق عليه]....,«اللهم إني أسألك فعلالخيرات وترك المنكرات وحب المساكين،وإذا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غيرمفتون» أخرجه مالك والترمذي..,«ما من مسلم يصيبه أذى, من مرض فما سواه إلا حط اللهبه سيئاته كما تحط الشجرة ورقها» أخرجه البخاري ومسلم..,«لا يموتن أحدكم إلا وهويحسن الظن بالله» أخرجه البخاري ومسلم...,«أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغستين سنة» أخرجه البخاري. أي لم يبق عذر لمن بلغ الستين من العمر...,«لا تقومالساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» أخرجه البخاريومسلم...,«يقبض الله الأرض يوم القيامة, ويطوي السماء بيمينه, ثم يقول: أنا الملكأين ملوك الأرض» أخرجه البخاري ومسلم...,«ما من صباح إلا وملكان يقولان: يا طالبالخير أقبل, ويا طالب الشر أقصر, وملكان موكلان يقولان: اللهم أعط منفقاً خلفاً,وأعط ممسكاً تلفاً» أخرجه البخاري مختصراً وأحمد..,إذا أراد الله بقوم عذاباً أصابالعذاب من كان فيهم, ثم بعثوا على نياتهم» أخرجه البخاري ومسلم..,« أول ما يقضى بينالناس يوم القيامة في الدماء» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي..,مثل الصلواتالخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات> رَوَاهُمُسلِمٌ...,يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبحوصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ...,من غداإلى...,بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة> رَوَاهُأبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ...,من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومنصلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة> قال الترمذي حديث حسنصحيح....,إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة> رَوَاهُ مُسلِمٌ...,إن أولما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدتفقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوعفيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم تكون سائر أعماله على هذا> رَوَاهُالتِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ...,خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها. وخيرصفوف النساء آخرها وشرها أولها> رَوَاهُ مُسلِمٌ...,أقيموا الصفوف، وحاذوا بينالمناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصلصفاً وصله اللَّه، ومن قطع صفاً قطعه اللَّه> رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسنادصحيح....,عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمكان لا يدع أربعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة. رَوَاهُ البُخَارِيُّ...,عن ابنعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أنهما سمعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِوَسَلَّم يقول على أعواد منبره: <لينتهين الجمعات عن قلوبهم أقوام على الغافلين ليختمناللَّه أو ودعهم ليكونن من ثم> رَوَاهُ مُسلِمٌ...,إذا دخل أهل الجنةالجنة يقول اللَّه تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم منالنظر إلى ربهم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ...,إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجوادالمضمَّر السريع مائة سنة ما يقطعها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ...,قال اللَّه تعالى:يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لوبلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتنيبقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة> رَوَاهُالْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ...,لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بينالليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومهأحدكم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.....,لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان>رَوَاهُ مُسْلِمٌ....,: <إذا إلى فأبت الملائكة فراشه فبات امرأته دعا عليهالعنتها غضبان الرجل حتى تصبح> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ....,لا تباشر المرأة المرأةفتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.....,لا تسموا العنب الكرم؛فإن الكرم المسلم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم....,(من أحدث في أمرناهـذا مـا لـيـس مـنه فهـو رد ). متفق عليه...,عن أبـي رقــيـة تمـيم بن أوس الـداريرضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عـليه وسـلم قـال :( الـديـن النصيحة )....,مانهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين منقبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم ). رواه البخاريومسلم....,( دع ما يـريـبـك إلى ما لا يـريـبـك ).رواه النسائي والترمذي وقال حديثحسن صحيح...,( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعـنيه ) .حديث حسن ، رواه الترمذيوابن ماجه....,( لا يحل دم امرىء مسلم [ يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله] إلا بـإحـدي ثـلاث : الـثـيـب الــزاني ، والـنـفـس بـالنفس ، والـتـارك لـديـنـه الـمـفـارق للـجـمـاعـة ).متفق عليه..,( اتـق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئةالحسنة تمحها ، وخالق الناس بخـلـق حـسـن ).رواه الترمذي وقال : حديث حسن ، وفي بعضالنسخ : حسن صحيح ..,عـن أبي العـباس عـبد الله بن عـباس رضي الله عـنهما ، قــال :كـنت خـلـف النبي صلي الله عـليه وسلم يـوما ، فـقـال : ( يـا غـلام ! إني اعـلمككــلمات : احـفـظ الله يـحـفـظـك ، احـفـظ الله تجده تجاهـك ، إذا سـألت فـاسألالله ، وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله ، واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أنيـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك ، وإن اجتمعـوا عـلىأن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك ؛ رفـعـت الأقــلام، وجـفـت الـصـحـف ).رواه الترمذي [وقال : حديث حسن صحيح إن مما أدرك الناس من كلامالنبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ).رواه البخاري ...,( الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملأن – أو : تملأ – ما بينالسماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أوعليك ؛ كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها ، أو موبقها ..رواه مسلم ...,كل سلامىمن الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل فىدابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوةتمشيها إلي الصلاة صدقة ، وتميط الأذي عن الطريق صدقة ).رواه البخاري ومسلم...,: (من رأى منكم منكرًا فلغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعـف الإيمان ).رواه مسلم ...,( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ،ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم خوالمسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى ها هنا ) ويشير صلىالله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات – ( بحسب امرىء أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلمعلى المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ).رواه مسلم ...,( إن الله تعالى كتب الحسناتوالسيئات ، ثم بين ذلك ، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإنهم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ،وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبهاالله عنده سيئة واحدة ).رواه البخاري ومسلم...,( كن في الدنيا كـأنـك غـريـبأو عـابـر سبـيـل ).وكـان ابـن عـمـر رضي الله عـنهـما يقول : إذا أمسيت فلاتـنـتـظـر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تـنـتـظـر المساء ، وخذ من صحـتـك لـمـرضـك ،ومن حـياتـك لـمـوتـك ...رواه البخاري ...,( لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعا لماجئت به ..حديث حسن صحيح ...,..سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت..أستغفرك وأتوب إليك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. قل تعالي في الحديث القدسي " من جاء بالحسنةفله عشر أمثالها أو أزيد ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة سيئة مثلها أو أغفر ومن تقرب مني شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هروله ومن لقيني بقراب الأرض خطيئه ثم لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفره " الحمد لله والصلاة والسلام علي حبيبي ونور قلبي محمد صلي الله عليه وسلم انا بحبكم في الله وبما ان الله بيستجيب الدعاء ادعولي ربنا الهداية ويرفعني في الدرجات ويغفر لي ولكم الاجر والثواب .. جزاكم الله خيرا

Monday, May 19, 2008

الصفات التي تميز بها الإمام أحمد

لقد كان هذا الإمام سباقاً للخيرات، من يقلب الطرف في سيرته يلق عظمة تتصاغر عندها الهمم، وتملأ الصدور هيبة وإجلالاً؛ ولذا خرجت كلمات الثناء على هذا الإمام من أئمة عصره، ومن بعدهم، يشيدون بذكره، ويعددون مآثره، ويعلنون مفاخره، فقال عنه ابن مهدي وهو أحد شيوخه: (كاد هذا الغلام أن يكون إماماً في بطن أمه) -1
وقال إبراهيم الحربي: (كان أحمد بن حنبل كأنه رجل قد وفق للأدب, وسدد بالحلم, وملئ بالعلم)
قال إبراهيم -أيضاً-: (لقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً وحراً وبرداً وليلاً ونهاراً، فما لقيته لقاةً في يوم إلا وهو زائدٌ عليه بالأمس) -3
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (ومن نظر في سيرة أبي عبد الله، وترجمة ما سبق، وما يأتي، وما لم نذكره وجد همته في الخيرات والطاعات من أعلى الهمم, وإنه يصدق عليه ما رواه الحاكم في تاريخه عن الأصمعي، أن دغفلاً دخل على معاوية، فقال له أي بيت أفخر, قال: قول الشاعر:
له همم لا منتهى ii لكبارها وهمته الصغرى أجل من ii الدهرله راحة لو أن معشار iiجودها على البر كان البر أندى من البحر)-4فلننظر -جميعاً- عن أبرز مآثر هذا الإمام، وأظهر شمائله؛ لنقتدي بها، فإن التشبه بمثله فلاح:
أولاً: سعة علمه، وغزارته، وإمامته فيه:
لقد اشتهر الإمام أحمد بالعلم، فإذا قيل في العلم: قال أحمد؛ هكذا مهملاً، فلا ينصرف الذهن إلا إليه، فقد بلغ فيه منزلة لا تجارى، ورتبة لا تسامى، فكأنما هو والعلم رضيعا لبان، وثناء العلماء عليه بالعلم شائعٌ ذائعٌ، فمنه قول إبراهيم الحربي: -رأيت أحمد بن حنبل، فرأيت كأن الله قد جمع له علم الأولين، فمن كل صنف يقول ما شاء، ويمسك ما شاء) 5
وقال عبدالوهاب بن عبدالحكم الوراق: (ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قيل له: وأي شيءٍ بان لك من فضله، وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا، وأخبرنا)-6
وقال أبوزرعة: (كان أحمد يحفظ ألف ألف، فقيل له وما يدريك؟ قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب).
قال الذهبي: (فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله، وكانوا يعدون في ذلك المكرر، والاثر، وفتوى التابعي، وما فسر، ونحو ذلك، وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك)-7
وقد سبق ذكر ثناء الإمام الشافعي عليه، وأنه إمام في ثمان خصال، وذكر منها، أنه: إمام في الحديث، وإمام في الفقه، وإمام في اللغة، وإمام في القرآن، إمام في السنة.
فيا ترى ما هي الأسباب في سبق هذا الإمام العلمي؟
إن المتأمل في سيرته يجد أسباباً خمسة ساعدت على تميزه في العلم، وإليك بيانها مع ذكر ما يدل عليها من سيرته:
السبب الأول: توفيق الله لهذا الإمام وتأييده له، وهذا السبب الأكبر في نيل العظائم، وإدراك الغايات النبيلة، فقد قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه) -8، وقد نظم هذا المعنى العلامة ابن القيم، فقال:
والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ولا استئذانويرده المحروم من خذلانه لا تشقنا اللهم iiبالحرمان
وكلام هذين العالمين منطلق من قوله تعالى: (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ...) الآية. {البقرة:269}
قال مجاهد (أي القرآنَ والعلمَ والفقهَ)[9
وليس معنى هذا أن يترك المرء فعل الأسباب، منتظراً بين عشية أو ضحاها أن ينزل عليه توفيق الله، فيكونَ حبرَ الأمة، وعلامةَ الزمان!
لا، بل يتحتم عليه الطرقُ للباب، والأخذُ بالأسباب؛ فإن الله –سبحانه- قال: (...وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ...) الآية. {النور:21} وقال: (...وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ...) الآية. {فاطر:18} .
والإمام أحمد -رحمه الله- قد طرق الباب، وأخذ بالأسباب، كما سيأتي بيانه -إن شاء الله-.
السبب الثاني: إخلاص هذا الإمام، وتجرده لله -نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً-، والإخلاص يكثر العمل القليل، ويباركه وينميه، ومن قرأ سيرة هذا الإمام لاح له هذا الأمر، وهذه بعض النماذج من سيرته دالة على ذلك:
الأول: محبته خمول الذكر وعدم الشهرة، فقد قال لعمه مرة: (ياعم، طوبى لمن أخمل الله ذكره) [10]، ومرة أوصى أحد طلابه، فقال: (أخمل ذكرك، فإني قد بليت بالشهرة)[11] ، وكان -رحمه الله- إذا مشى في طريق يكره أن يتبعه أحد[12
الثاني: قال -رحمه الله-: (إظهار المحبرة من الرياء)[13
فعد هذا الإمام مجرد إظهار المحبرة من الرياء، ولعله يقصد أن إظهارها ونحوها من الأشياء التي هي شعار العلم، من البواعث على الرياء؛ والنفس لا تسلم من حظوظها إلا ما رحم ربي، ولعل المحبرة في زمانهم كانت شعاراً للعلم.
الثالث: قال المروذي: (كنت مع أبي عبدالله نحواً من أربعة أشهر بالعسكر، ولا يدع قيام الليل وقراءة النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يسر ذلك)[14
الرابع: وقال أبو حاتم: (كان أحمد إذا رأيته، تعلم أنه لا يظهر النسك، رأيت عليه نعلاً لا يشبه نعال القراء، له رأس كبير معقَّد، وشراكه مُسْبَل، ورأيت عليه إزاراً وجبة برد مخططة؛ أي لم يكن بزي القراء)[15
فمن أراد بركة العلم ، فليلزم الإخلاص فثمَّ العلم.
ومسألة الإخلاص شديدة المطلب، وعرة المسلك، تحتاج إلى معالجة ومجاهدة، وقد قال سفيان الثوري -رحمه الله-: (ما عالجت شيئاً أشد علي من نيتي) لكن الثمرة ذكرها ربنا في كتابه فقال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) {العنكبوت:69}.
السبب الثالث: جده في طلب العلم وصبره على الأذى فيه، فالعلم ليس حلماً يرى في المنام، ولا صيداً يرمى بالسهام، ولا مالاً يورث عن الآباء والأعمام، إنما هو الجد والاهتمام، وهكذا فعل هذا الإمام، فقد طاف البلاد، وجاب الأمصار، في طلب العلم، فقد رحل إلى الكوفة، والبصرة، وعبادان، والجزيرة، وواسط، ومكة، والمدينة، ورحل ماشياً إلى صنعاء اليمن، ورحل ماشياً إلى طرسوس، ورحل إلى الشام، واستفرغ في العلم وسعه، وسلك إليه كل سبيل، وركب فيه كل صعب وذلول حتى نال ما نال.
قال البغوي عن أحمد: (أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر)، وقال صالح ابنه: (رأى رجل مع أبي محبرة، فقال له: يا أبا عبد الله أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين؟! فقال: معي المحبرة إلى المقبرة)[16
وإذا كانت النفوس iiكباراً تعبت في مرادها الأجسام
السبب الرابع: عمله بعلمه، فالإمام أحمد إنما يطلب العلم؛ لكي يعمل به؛ لا يطلبه لأجل مكاثرة، أو مفاخرة، أو لأجل دنيا يصيبها، ومن أسباب ثبات العلم العمل به، وقد قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل)[17] وهذه نماذج تدل على عمل الإمام أحمد بكل ما يتعلمه، وتحريه لذلك أشد التحري:
* قال المروذي: (قال لي أبو عبد الله: ما كتبت حديثاً إلا وقد عملت به، حتى مر بي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً، فاحتجمت وأعطيت الحجام ديناراً)[18
* وقال أبو الحسن بن المنادي: (استأذن أحمد زوجته في أن يتسرى؛ طلباً للاتباع، فأذنت له، فاشترى جارية بثمن يسير، وسماها ريحانة؛ استناناً برسول الله –صلى الله عليه وسلم-)[19
* وقال حنبل: (كانت كتب أبي عبد الله أحمد بن حنبل التي يكتب بها: من فلان إلى فلان, فسألته عن ذلك فقال: رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كتب إلى كسرى وقيصر، وكتب كل ما كتب على ذلك, وأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ... وهذا الذي يكتب اليوم لفلان محدث لا أعرفه)[20
بل كان الإمام أحمد -رحمه الله- لا يغفل العمل بالسنة حتى في مواطن الشدة، فقد قال إبراهيم بن هانىء: (اختبأ عندي أحمد بن حنبل ثلاث ليال -وذلك زمن الواثق لما فرض عليه الإقامة الجبرية- ثم قال لي: اطلب لي موضعا حتى أدور إليه, قال: إني لا آمن عليك يا أبا عبد الله, فقال: النبي –صلى الله عليه وسلم- اختفى في الغار ثلاثة أيام, وليس ينبغي أن نتبع سنته –صلى الله عليه وسلم- في الرخاء ونتركها في الشدة)[21
بل وهو في الاحتضار عند معاينة الموت، كان حريصاً على تطبيق السنن، فقد سئل ابنه عبدالله: هل عقل أبوك عند المعاينة -أي معاينة الموت-؟ قال: نعم.
كنا نوضئه، فجعل يشير بيده، فقال لي صالح: أي شيء يقول؟ فقلت: هو ذا يقول: خللوا أصابعي، فخللنا أصابعه، ثم ترك الإشارة، فمات من ساعته[22
سبحان الله، ما أعظم هذا الإمام! نفسه تحشرج، وبات يجود بها، وقد أشفى على الموت، ومع ذلك لم يخل بتطبيق هذه السنة، فماذا يقال لبعضنا، تمر عليه السنة تلو السنة، يطبقها حيناً، ويتركها أحايين، بل بعضهم إذا نوقش في ترك بعض المسنونات قال: الأمر لا يصل إلى حد الوجوب، وإذا نوقش في فعل بعض المنهيات قال: النهي لا يصل إلى حد التحريم.
نعم قد يكون كلامه صحيحاً، لكن الكمَّل من الخلق، يبادرون إلى فعل الأمر وإن كان للاستحباب، ويبادرون بترك المحرم وإن كان للتنزيه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
السبب الخامس: صلاحه، وصدق تقواه، والتقوى سبيل العلم النافع، والعمل الصالح، ومصداق ذلك في كتاب الله في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ) {الأنفال:29}
قال ابن جريج وابن زيد: (هداية ونوراً في قلوبكم، تفرقون به بين الحق والباطل)[23
وقال المرُُّوْذي: (سمعت فتح بن أبي الفتح يقول لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد- في مرضه الذي مات فيه: ادع الله أن يحسن الخلافة علينا بعدك؟ وقال له: من نسأل بعدك؟
فقال: سل عبدالوهاب بن عبد الحكم.
وأخبرني من كان حاضراً، أنه قال له: إنه ليس له اتساع في العلم؟!
فقال أبو عبدالله: إنه رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق)[24].
فهذه كلمة عظيمة خرجت من رجل فحص العلم، فعجم عوده، وسبر غوره، لتُبِيْن بجلاء أن الصلاح سبيلٌ للتوفيق في العلم، وإصابة الحق فيه.

No comments: